حكم الشرطي التركي الذي قتل السفير الروسي / الشيخ المقدسي

سُئِلَ المقدسي عن الضابط أو الشرطي التركي الذي قتل السفير الروسي
هل هو باقٍ على أصل التكفير عندك كما هو حكم أنصار الطواغيت عندك أم نعتبره مسلماً شهيداً ؟
السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله والحمدلله والصَّلاة والسَّلام على نبينا مُحمَّدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فقد كتبت من قبل في تكفيري لأعيان أنصار الطواغيت أننا نستثني من ذلك أصناف :
- عيَّنْتُ تحديداً منها من يهديه الله وهو في عمله فيقرر أن يكفر بالطاغوت عملياً بدمه كالإسلامبولي ؛ فهذا حكمه كحكم نعيم بن مسعود الذي قال له النبي ﷺ (اكتم إسلامك وخذِّل عنا )
إن قتل وهو يعمل لدين الله لا يكفره - من عَرَفَ حالَه - بل يَحكُم بإسلامه.
فإن أظهر ذلك علانية كما فعل الإسلامبولي فلا يُكفِّره إلا الغُلاة
- ويلتحق بذلك في عدم التكفير عندي من دخل الجيش أصلاً لهذا العمل وإن كنت لا أُجيز هذا الدخول ولا أراه كصورة نعيم بن مسعود الذي اهتدى وكتم إسلامه وبقي على ما كان عليه قبل إسلامه وكأنه واحدٌ منهم
أما في الصورة الثانية فهو يظهر أنه واحدٌ منهم وهو ينتسب للإسلام ! ويبقى يتدرج في دراسته وخدمته ورتبه ومكفراته (تُقية) زعموا !
وهذا الطريق خالفت في جوازه بعض شرعيي القاعدة حين كنت أدرس في أحد معسكراتها بخوست وجرى نقاش بيني وبين بعض الشباب هناك فوجدتهم يجيزون ذلك ويؤصِّلُون له ويُسَمُّون بعض أفرادٍ قُتِلُوا وفعلوه في مصر كعصام القمري ونحوه ؛ وقد استدل بعضهم بفعل فيروز الديلمي الذي كان أحد قُوَّاد ' باذان ' والي النبي ﷺ على اليمن فلمَّا تغلَّب ' الأسود العنسي '   أظهر فيروز له الطاعة وكتم عمله حتى تمكن من قتله وهذا كان قريباً من وفاة النبي ﷺ و ' فيروز ' ليس بصحابي
وقد كتب صاحب (الجامع في طلب العلم الشريف) في تجويز هذا وعلَّقْتُ في (النكت اللَّوامِع) على هذا الموضع وخالفته في تجويزه وهو منشور ؛ لكنني عذرت الجماعة والفرد الذي يسلكه لتأوُّلِهم العمل بهذه الأدِلَّة
فإن كان هذا المسؤول عنه يدخل في إحدى هاتين الصورتين فأنا قد استثنيته من قبل من التكفير ولم يَجِدّ على ما أصَّلتُه شيئاً.
لكن المقتول في الواقعة المسؤول عنها ليس هو الحاكم الذي يُتَّهم ُالقاتل بالتَّلبُّسِ بتولّيه وتولّي دستوره وقوانينه
حتى نقول أنَّ فِعلَه هذا نوعُ إظهارٍ للبراءة منه ومن حُكمه ، أو تصلح مقايسة فعله على فعل ' فيروز '  .
لكن تحصلُ بالكلمات التي تكلم بها الرجل بعد قيامه بعمله من التكبير وذكر نشيد المجاهدين الذي فيه كلمات البيعة للنبي ﷺ على الجهاد تحصَّلت دلالاتٌ لا يجوز للفقيه الورِعِ إهمالها
فهي تجعل الفقيه يتردد في الحكم عليه ولا يتعجَّل بتكفيره على أقل تقدير
أما الجزم له بالإسلام فضلاً عن الشهادة فأراه تساهلاً سببه :
- إما الذهول عن كونه عُنصراً من الطائفة الممتنعة عن الشرع والمُحكِّمَة للعَلمانيَّة ؛ والذين الأصل فيهم الكفر حتى يُظهِروا البراءة من مكفراتهم المشتهرة
- أو سببه التأثر بالدعاية الأردوغانية التي يُروجها ويُضخمها المنبهرون به وبأعماله من مساعدةٍ للاجئين وتوسيعه على حجاب المسلمات وتلاوة القرآن أمام الكاميرات وبعض مواقفه الوطنية التي لا تنطلي على البصير ولا تصلح لتقاوم مُكفِّرَات مظاهرته للكفار اليهود والصليبيين على المسلمين ولو قيل أنهم خوارج والآن تظاهر وتعاهد مع روسيا وإيران ضد الجبهة التي لا يسميها خوارج إلا المُعاقُون فكرياً ،وكذا إصراره على تحكيم العلمانية بل والدعوة إليها ومدحها وإِن فسَّرها بتفسيره الخاص الذي لا يُخرجها من الكفر وهو (السَّماح بحرية جميع الأديان والمعتقدات) إلى غير ذلك.
لكني مع ذلك لا أُشَنِّعُ على الفقيه المُخالف لي بهذا و الحاكم بإسلام ذلك الضابط الذي فعل فعلته وقتل السفير وإعذاره ما دام حكمه صادراً عن اجتهاد وليس عن تمييع وجهل وإرجاء - فضلاً عن أن أُكفِّر هذا الفقيه كما يفعله الغلاة - لما يكتنف مثل هذه الخواتيم من إشكالات تتجاذبها الأدلة المتعارضة
والمجتهد الورع يتردد في الكلام على أعيانها وعلى مآلاتهم الأُخرويَّة
 ولذلك فالمُتَوقِّفُ في مثل هذه المشكلات لا يُشنَّع عليه أيضاً بل يُمدَحُ لأنَّه عمِل بقوله تعالى :(ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم)
وبما رواه البخاري في (باب :لا يُقال فلانٌ شهيد )
 والله تعالى أعلم

والحمدلله رب العالمين

جمعهـا ونسَّــقـهـا العـبـد الفقيـر لعفـو ربـه

تلميذ | بل عابر سبيل | د. أبو سيَّاف المُهاجر

http://telegram.me/tlmith_pos

http://telegram.me/ahlalilm

http://tlmith.blogspot.com