غارة #سرمدا: هذه هي معركة إدلب المنتظرة/ على بصيرة


1- بعد حلب، برز أكثر فأكثر اتجاهان مختلفان في النظرة إلى مواجهة التحديات المتمثلة بالتحالفات والتفاهمات الدولية المتقاطعة على وقف الحرب.

2- وما حفّز الساحة على التمفصل بين الاتجاهين، سعي بعض الفصائل للاندماج تحت ضغط الناس ونار الهزيمة في حلب. فكانت الاستجابة الملتوية دليلاً.

3- هناك اتجاه سياسي وآخر جهادي، بمعنى أن أحدهما يغلب عليه المنطق السياسي بمعنى إخضاع الحراك العسكري للحراك السياسي داخلاً وخارجاً مع هامش.

4- ويرى هذا الاتجاه أنه بقدر من الحذق السياسي والخطاب التجميعي لمكونات الشعب السوري يمكن تخذيل الأعداء واللعب على التناقضات بينهم.

5- وعلى المستوى نفسه، لا يريد هذا الاتجاه من الجهد العسكري إلا أن يكون أداة ضغط بيده لتحقيق أغراض العمل السياسي وتقوية مناوراته مع الآخرين.

6- لذلك، فإن أي اندماج مع فتح الشام، يضيّق هامش المناورة إلى درجة العدم لأنه يمنح إشارة إلى الخارج أن المعارضة لا تريد أي حل سياسي بل عسكري!

7- إن المجتمع الدولي يريد إنهاء الثورة مذ بدأت المفاوضات في جنيف وفي عواصم أخرى، والائتلاف أبلغ المعنيين أن الحل لن يكون إلا سياسياً.

8- من أجل ذلك، كان التحالف المتعدد الرؤوس قلقاً من جبهة النصرة سابقاً ومن ازدياد قوتها ومن جيش الفتح وإنجازاته لأن ذلك يطيل الحرب (حرفياً).

9- ولهذا، كان الخيار إسقاط حلب الشرقية، أولاً لإخضاع المعارضة لمنطق الحل السياسي وثانياً لفصل أصحاب الاتجاه السياسي عن فتح الشام.

10- يرى أصحاب الاتجاه السياسي أنفسهم أنهم واقعيون وأنه لا يمكن إلحاق الهزيمة بالمعسكر المقابل الأكثر تسلّحاً بما لا يقاس والسياسة فن الممكن.

11- وبالمقابل، ينظر هؤلاء إلى أصحاب الاتجاه الجهادي أنهم حالمون عاطفيون لا يقدّرون الواقع ولا يفهمونه وتالياً أنهم مغامرون وسيدمرون الثورة!

12- لهذا، اتهِم مؤيدو الاندماج مع فتح الشام أنهم مدفوعون بالعاطفة وليس بالعقل، وأن الأمر يحتاج إلى تريّث وتدبّر واتفاقات الاندماج إلى تصفير.

13- وليس غريباً أن السياسيين الجدد يريدون المبادرة إلى العمل العسكري ضمن عمل جبهوي دون اندماج لأنهم يريدون استثماره في بازار التفاوض الآتي.

14- أما الاتجاه الجهادي ممثلاً بشكل أساسي بجبهة فتح الشام، فيجد نفسه محاطاَ بالأخطار الخارجية ومحمّلاً بأعباء هائلة ثم يتهَم بأنه سلّم حلب!

15- ويتعرّض الشيخ المحسيني قاضي جيش الفتح والذي هو القوة القتالية الهجومية الأساسية للمعارضة لحملة إعلامية منهجية من معارضي الاندماج.

16- بل يقال للتيار الجهادي إن عليك أن تحلّ نفسك وتذوب نهائياً وتختفي كتيار جزاء وفاقاً على ما قدّم وأخّر وكجزء ضروري من ضرورات المرحلة.

17- ثمة تلاعب خطير بالمصطلحات، ينجرف معه أصحاب التيار السياسي الذين أثبتوا أنهم حالمون حقاً في رؤاهم فيما الجهاديون هم الأكثر واقعية.

18- فهزيمة حلب هي حفظ ماء الوجه لروسيا المهزومة والموافقة على وقف إطلاق النار فرصة لتوسيع الخلاف بين إيران وروسيا أما أردوغان فبطل الاختراق.

19- قد يكون الخلاف حقيقياً بين إيران وروسيا وقد تقتل موسكو بشار الأسد إن كان عقبة أمام مصالحها كما قتلت حفيظ الله أمين في كابل عام 1979.

20- لكن لا توجد مؤشرات كافية الآن لخلاف خطير بين ركني التحالف المؤيد للنظام أو لإزاحة بشار الأسد في وقت قريب أي قبل استقرار الوضع لمصلحتها.

21- وبالمقابل، فإن إدلب تحوّلت إلى ساحة التجميع لمختلف الفصائل المهجّرة من مناطقها الأصلية، وهذا التجميع قد يكون نعمة باندماج ونقمة باختلاف!

22- ومع المقاومة العنيدة لأي اندماج للفصائل الكبرى خشية خسارة الهامش السياسي ولأن لا مراهنة على عمل عسكري بعد فشل فك حصار حلب مرتين.

23- فإن البديل من المبادرة الهجومية للفصائل لاستعادة الوزن، هو الاضطرار إلى الدفاع الاستنزافي والسقوط في براثن حملات التضليل والتحريض.

24- ويسقط في فخ التضليل قادة وإعلاميون وناشطون وثوريون ومؤيدون متحمسون فيعززون أهداف العدو دون علم أو وعي، من خلال الدفع إلى الصدام.

25- ليس لدى النظام وحلفائه قدرة كافية لغزو إدلب وما جرى في حلب هو تجميع الموارد في مكان محصور، فيما التركيز على المناطق المحاصرة حول دمشق.

26- أما الهدف من غارة سرمدا فليس قتل بعض القادة والعناصر فقط، بل إشعال الفتنة بين الاتجاهين السياسي والجهادي، وإشغال الفصائل بعضها ببعض.

27- وما التراشق بالفتاوى وتبادل الاتهامات بشأن الاندماج مروراً بالحديث عن الاغتيال كأدة سياسية والتهويل بالتغلب الموهوم سوى عيّنة لما هو آت.

انتهى بحمد الله



جمعهـا ونسَّــقـهـا العـبـد الفقيـر لعفـو ربـه
تلميذ | بل عابر سبيل | د. أبو سيَّاف المُهاجر

http://telegram.me/tlmith_pos
http://telegram.me/ahlalilm
http://telegram.me/alsedeek
http://telegram.me/baaserah
http://tlmith.blogspot.com

Comments

Popular posts from this blog

بين دايتون وغروزني اينفتح الشام / كتبها : على بصرة

دروس لبنانية في الحرب السورية / على بصيرة